الاثنين، 24 أغسطس 2009

عبدالوهاب الهارون: رمضان في الكويت مهرجان محبة



23/08/2009 - جريدة القبس

لا يستطيع العمل في أجواء المناكفات والمماحكات
عبدالوهاب الهارون: رمضان في الكويت مهرجان محبة.


اطلالة رمضان المبارك في كل عام تثير في كل نفس ذكريات جميلة وتعيد إلى المخيلة صور أيام عفوية مرتبطة بالشهر الفضيل وما يرافقه من عادات وتقاليد رمضانية، نستعيدها مع ضيوفنا الذين التقيناهم ليروي كل واحد منهم جانبا من تلك الصور والذكريات.


ضيفنا اليوم النائب السابق وعضو لجنة «متطوعون من أجل الكويت» ورئيس مجلس ادارة شركة التعمير للاستثمار العقاري، وعضو المجلس الأعلى للتخطيط عبدالوهاب الهارون الذي تشعب حواره ليمتد على مساحة الوطن وقضاياه الراهنة ورؤيته المستقبلية.


• بداية دعني اسألك اين عبدالوهاب الهارون اليوم؟ ماذا تفعل؟ ولماذا ابتعدت عن الساحة السياسية؟


ــ طبيعي أنا موجود.. صحيح أنني ترجلت عن العمل النيابي لكن لم ابتعد عن العمل السياسي.. كما تعلمين في فترة الانتخابات.. شكلنا فريقا وأطلقنا على أنفسنا «متطوعون من أجل الكويت»، هذه المجموعة بدأتها مع الأخ يوسف الجاسم، ثم انضمت إلينا مجموعة من الاخوان بلغ عددهم 36 ثم توسعت القاعة وهي تشمل عددا من الكتاب والوزراء السابقين والأدباء والاعلامين والمحامين وعملنا بقوة لدعوة الناس إلى المشاركة في العملية الانتخابية، وتبنينا ترشيح المرأة وتمكينها من الوصول إلى البرلمان.. والحمد لله وفقنا بذلك وعملنا كان تطوعيا، وركزنا في حملتنا على الاعلام بجميع جوانبه من الانترنت واللوحات الاعلانية والأفلام القصيرة في الفضائيات وكانت جميعها مجانية.. وكذلك ركزنا على الأطفال الذين يخاطبون الناس بان مستقبلهم في يدكم لا تضيعونه.. فاحسنوا اختيار مرشحكم.. وكان الهدف من هذه الحملة مخاطبة الأغلبية الصامتة، التي قد لا تذهب إلى الانتخابات بسبب التشنج والتأزيم والتصعيد الذي رافق المجلس السابق، وحثها على المشاركة مقابل القوة الثانية المرتبطة قبليا وحزبيا التي تشارك بحماس.


وكما تعلمين خلال عملي في البرلمان لم يكن عندي فرصة للجلوس مع أولادي باستثناء فترة الصيف.. بسبب اللجان والواجبات الاجتماعية والاجتماعات، الآن عندي فرصة لنفسي ولأهلي ولأبنائي، والتفكير بمشاريعي الخاصة التي كانت مؤجلة.


وننوي بعد العطلة الصيفية تنفيذ أجندة للعمل على جميع الاتجاهات لمصلحة البلد، وخصوصا فيما يتعلق بالأداء البرلماني.. وبالطبع سيكون لنا وقفة مع نواب التأزيم بدون جدوى.. أو على الأقل محاولة للجلوس والتحاور معهم على ان هذا ليس هو المطلوب والخط الصحيح، كما سنتقدم ببعض الاقتراحات التي تتعلق بالبرلمان.مجموعة متجانسة


• حملت دائما شعارات الليبرالية والديموقراطية وحماية الحريات والدستور عندما كنت نائبا في مجلس الأمة، فهل «متطوعون من أجل الكويت» لديها الخط والتوجه نفسه.. ولماذا لم تنضم إلى التحالف والمنبر؟ ولماذا أيضا حضوركم ما زال متواضعا على الساحة السياسية؟ــ نحن لم نطرح أنفسنا كتيار مستقل أو تنظيم أو حزب وانما كمتطوعين، كذلك وجدنا ان منظمات المجتمع المدني متقاعسة عن أداء دورها والحمد لله.. نحن مجموعة متجانسة وكما ذكرت سابقا تضم وجوها سياسية واعلامية من جميع أطياف المجتمع الذي ننتمي إليه، ونلتقي جميعا حول حب الكويت وتعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على الحريات والديموقراطية الصحيحة.


• لماذا لم تخض الانتخابات، هل خوفا من الخسارة؟ــ بكل صراحة.. لم يكن عندي مشكلة في خوض الانتخابات والنجاح.. ولا سيما بعد تعديل الدوائر حيث التنافس في كل دائرة أصبح على عشرة مقاعد بينما في السابق كان على اثنين.. مما يجعل فرصة الفوز أكبر، ولكن الذي جعلني ابتعد عن البرلمان منذ 2003 وحتى اليوم 2009 هو الأوضاع غير الطبيعية وغير المشجعة التي كانت سائدة.. وهذه الأجواء ليست الأجواء التي استطيع ان أعمل فيها.. أنا شخصيا لا استطيع العمل إلا ضمن فريق متجانس تنتفي فيه المناكفات والمماحكات والنزاعات والصدامات، والمجالس الأخيرة وللأسف الشديد أصبح النواب يفكرون بانفسهم أكثر مما يفكرون في بلدهم، وبالتالي أصبحت الشخصانية هي المسيطرة، وخلقوا عداوات فيما بينهم وكأن هناك تسابق على من يوتر ويؤزم أكثر من الآخر.. هذا الجو غير صحي، ومن الصعب على الانسان المنتج ان يركز على العمل الوطني والتطوير والتنمية.


• هل تتوقع ان يصمد هذا المجلس ويكمل ولايته؟ــ أنا شخصيا أتمنى لهذا المجلس ان يستمر.. وسيستمر اذا واجهت الحكومة ولم تتراجع.. ولقد ثبت ذلك في استجواب وزير الداخلية ان الحكومة عندما حزمت أمرها.. والوزير واجه الاستجواب.. وجدوا ان هناك أغلبية مع الموقف الصحيح.. ومع القانون، ومع استمرار البناء والتنمية.نواب التأزيم • كيف تتوقع اداء النواب في المرحلة القادمة ولا سيما ان معظمهم عاد أو على الأقل عاد ما يسمى بنواب التأزيم؟ــ الذين عادوا إلى مجلس الأمة اقل من 50% وللأسف أكثر العائدين هم النواب المؤزمون.. وكان من المتوقع عودتهم، لانه في بعض الدوائر الانتخابية من يصعد في الكلام ومن يستخدم الصوت العالي، يكسب انتخابيا، إلى جانب ان غالبية هذه المناطق.. هي مناطق قبلية.. لديها انتماء قبلي.. وفي صراع مع الدولة على اعتبار ان الدولة تطبق القانون الذي يجرم الانتخابات الفرعية ويجرم التعدي على املاك الدولة ونشأ من خلال ذلك اصطدام مع الحكومة.. تحولت إلى معارضة معها.. ووجدت في نواب التأزيم من يعبر عنها ويقف معها ضد الحكومة.


• هل تشعر بحنين الى العمل النيابي؟


ــ اشعر بحنين الى العمل النيابي الذي عاصرته في مجالس 96 و99 وإلى حد ما 2003.. وليس إلى الجو السائد اليوم.. وغير المناسب للانجازات والتنمية.دعم المرأة


• كنت من الداعمين جدا للحقوق السياسية للمرأة، كيف تقيم وصولها إلى البرلمان وما الذي ستضيفه؟


ــ كما تعرفين كنت دائما من داعمي ومؤيدي الحقوق السياسية للمرأة في المجالس السابقة.. وكنت من الأوائل الذين تقدموا باقتراحات بقوانين لتعديل قانون الانتخاب بحيث يشمل المرأة، كما كنت أول رئيس للجنة شؤون المرأة البرلمانية، وأعطيت دورا للجمعيات النسائية واشركتها في اللجنة وتمنينا ان تفوز واحدة أو اثنتين، ولكن ولله الحمد فازت أربع مرشحات وكانت مفاجأة جميلة جدا.. وهذا يجعلني اتفاءل بان هذا المجلس سيكون الأفضل لان حضورهن الاعلامي متميز أكثر من النواب، وأعتقد أنهن أكثر تفرغا للعمل النيابي، لانهن بعيدات عن الدوران في الوزارات لانجاز المعاملات، وبعيدات عن زيارة المستشفيات والدواوين، إلى جانب كونهن متخصصات وجميعهن من حملة الدكتوراه.. وعطاءاتهن ستكون واضحة.. وبانت في الشهر الأول.. ونتوقع دورهن ولمساتهن ستكون أكبر وأكثر وضوحا في المرحلة المقبلة واعتبر ان المحامية ذكرى الرشيدي فازت في الانتخابات لعدة اعتبارات منها عدد الأصوات العالي التي حصلت عليه، في مناطق محافظة لم تعتد دخول المرأة إلى دواوينهم وتحدثهم بكل طلاقة وجرأة وقوة.. وهذا شكّل لهم صدمة حضارية ثقافية، وخطوة إلى الأمام، ان المرأة في الدائرتين الرابعة والخامسة بدأت تعي أهمية دورها، وتحررها من سيطرة الرجل.وأعتقد ان الثقافة السياسية لدى المرأة في مجلس 2009 أكثر وعيا ونضوجا، إلى جانب الدور الكبير الذي لعبته الوزيرة معصومة المبارك التي تميزت بموقف رائع جدا في استقالتها بسبب حريق الجهراء، وهذا يدل على وعي سياسي وتحمل مسؤولية، كذلك مواجهة الوزيرة نورية الصبيح لمحاور الاستجواب بكل كفاءة واقتدار، أيضا لا ننسى دور الفضائيات التي ركزت على المرأة، ومداخلاتها في اللقاءات الحوارية، اقنعت المستمعين والناخبين بحديثها وصدقيتها وموضوعيتها.ميزة رمضان


• ماذا بقي من رمضان في البال.. ذكريات مواقف؟


ــ أولا رمضان في الكويت هو مهرجان يجدد المحبة وتوثيق العلاقات الاجتماعية سواء بين الأهل أو مع الأصدقاء، أو مع الجيران، ميزة رمضان انه فعلا يوثق العلاقات بالتزاور والتواصل والأمسيات الجميلة إلى جانب تبادل الأطعمة بين الجيران في الحي.. وهذه عادة متوارثة منذ القدم، وما زلنا نتبعها في بيتنا مع جيراننا، إلى جانب الروح الايمانية التي تتجلى في المساجد.. هذه أجواء رمضان التي عرفتها في الطفولة واذكر عندما كنا نذهب إلى الاسواق ونشتري الزلابيه والحلويات.. وان شاب التغيير بفعل التطور كما يظهر في الغبقات والقرقيعان.. التي تحولت إلى حفل استقبال.. وزادت التكلفة والمنافسة، بحيث أصبحت كل عائلة تحاول ان تعمل شيئا أكثر كلفة وتميزاً عن الآخرين.. وهذا ما اعتبره نزعة استهلاكية بغيضة غير محبوبة الا ان الروحية موجودة والحمد لله وما زالت هي.. هي.


• هل تحرص على قضاء رمضان في الكويت؟


ــ جدا.. جدا.. رمضان جميل جدا.. ولا مرة أمضيت رمضان خارج الكويت الا أيام الدراسة الجامعية في أميركا وكان هذا صعبا.. حيث كنا نصوم ونقيم الصلوات والافطار والامساك على تقويم أميركا، اضافة إلى انني كنت وحيدا.. وكنت اطهو في الويك اند.. وافطر مع الأخوة العرب من لبنانيين وسعوديين.. وسودانيين.. وكان كل واحد منا يطهو الطبخة التي يعرفها ونتشارك الافطار.


• وماذا كنت تطهو؟ـ

ـ طبعا الطبخ الكويتي نفسه.. كنت اقرأ من كتاب واطبق المقادير إلى حد ما.. وكما يقولون «كنت امشي الحال».الأزمة المالية


• تعمل حاليا في القطاع الخاص، كيف تقرأ تداعيات وارتدادات الأزمة المالية على الوضع الاقتصادي في الكويت؟

ــ تأثير الأزمة العالمية على كل دول العالم.. ومنها الكويت.. وبما ان الكثير من شركات الاستثمار لها علاقات مع العالم، وبالتالي انخفضت قيمة أصولها في الداخل والخارج بنسبة عالية جدا مما أدى إلى ان قيمة القروض أقل من حجم الاقتراض مما سبب العجز، المشكلة ليست اقتصادية.. بل مشكلة حساب قيمة الأصول، الاسهم، العقار أو الاستثمارات الأخرى في العالم، لذلك كل دول العالم ضخت أموالا في السوق المحلي محاولة منها لانقاذ الشركات الكبرى، كي لا ينعكس انهيارها على الاقتصاد الوطني، وفي الكويت اعتقد ان اقرار قانون دعم الاستقرار المالي والاقتصادي كان خطوة ايجابية، الا ان للأسف بدأ بشكل جيد.. ولأول مرة تؤلف لجنة متخصصة بعيدة عن المخاصصة والعلاقات الشخصية برئاسة محافظ البنك المركزي وفريقه المتكامل، إلا ان القانون تعرض للتشويه في مجلس الأمة حيث أدلى كل عضو بدلوه.. في هذا القانون، وصدر القانون طبعا لكونه من قوانين الضرورة بالصيغة نفسها.وأنا متفائل.. ولا سيما عندما أرى الاقبال على النفط في العالم جيدا كما ان هناك تحسنا في الاقتصاد العالمي بنسب بطيئة ولكنها في الاتجاه الصحيح، هناك انحسار للأزمة يرافقها نمو في الأصول في العالم.. وهذا سينعكس ايجابا على جميع دول العالم.قرارات حازمة


• وماذا عن قراءتك للوضع السياسي في الكويت وما يحدث حولها من تطورات اقليمية.. وما المطلوب حاليا لتحصين الساحة الداخلية؟


ــ اعتقد كما قلنا أكثر من مرة ان التطوير والانطلاق والتنمية هي بيد الحكومة وليس المجلس.. واذا كان هناك عدد من النواب يرفع الصوت عاليا ويهدد ويتوعد.. تبقى اقلية لو حزمت الحكومة أمرها وسارت في تطوير البلد، فسيكون هناك التفاف عام حول هذه الحكومة وكذلك التفاف الأغلبية البرلمانية حولها كما حصل عند استجواب وزير الداخلية.

• ماذا يقلقك على صعيد الوطن؟

ــ أنا لست قلقا لانني بطبعي متفائل.. فالانسان في الكويت يتمتع برعاية اجتماعية عالية وهو تحت رعاية الدولة من المهد إلى اللحد، أما بالنسبة إلى المستقبل فاتمنى ان يوفر صندوق الاحتياط العائد للصرف على الدولة خصوصا اذا اقتنعنا ان البترول قد نفد، أما بالنسبة للوضع السياسي، فنحن في مرحلة مخاض سياسي حاليا، لانه في الحياة الديموقراطية دائما ما يحدث في مراحلها الأولى بعض الهزات مادام هناك من يفكر في الطائفية أو القبلية أو المصلحة الشخصية وكل عضو بحد ذاته هو حزب يتحدث بمزاجه وليس وفق أجندة تنظيمية متفق عليها، مازلنا في هذه المرحلة.. وليس أمامنا الا الالتزام بالدستور والديموقراطية التي جبلنا عليها وان نعي جيدا أهميتها، وهذا الوطن الذي يرعى مواطنيه بحب عليه ان لا يظل كما هو شائع وطنا للأخذ بل وطن للعطاء، وبالتالي على المواطن ان يعطي بايجابية، ويجب ان لا نغفل اننا نعيش في محيط اقليمي غير مستقر مما يحتم علينا ان نكون دائما متكاتفين وموحدين حول أمورنا وفقا لأولويات نتفق عليها ونقدم دائما للآخرين نموذجا للديموقراطية الناجحة وعلى الدول العربية والخليجية ان تحذو حذونا.


معارضة عقلانية وراقية


اجاب ردا على سؤال حول عدم اطلاق صفة نواب التأزيم على المجالس النيابية السابقة التي كان عضوا فيها قائلا: حتى المعارضة التقليدية المتمثلة بسامي المنيس ومشاري العنجري ومشاري العصيمي كانت معارضة ليست من أجل المعارضة وانما معارضة عقلانية، الى الأفضل وليس للتعطيل والتهجم، كانت راقية، حتى في طرحها المعارض لم تخرج عن نطاق احترام الآخر، وكانوا دائما يخاطبون الطرف الآخر بلباقة وأصول التعامل السياسي الراقي.نعم.. هذا الجو الذي كنا نعمل فيه.. وتتساءلين ماذا تغير الآن؟ اجيبك بكل بساطة ان الذي تغير هو الأداء البرلماني وانحرافه عن الطريق الصحيح.. وتحوله عند بعض النواب إلى اداة ابتزاز للوزراء.. إما ينفذون ما يطلب منهم أو يتعرضون للاستجواب على حساب العمل الحقيقي للبرلمان.


تجريم الطائفية والقبلية


سألنا الهارون عن تعليقه على الحملة الاعلامية التي ثارت مؤخرا تحت عناوين طائفية فأجاب: أنا شخصيا تقدمت باقتراح بقانون في مجلس 2003 ولاقى صدى كبيرا.. من الكتاب البارزين، وقاعدته الاساسية تجريم أي اثارة للطائفية والبغضاء في المجتمع.. أو من يهاجم الطوائف الأخرى من خلال المنابر أو دور العبادة، أو اثارة النعرات الطائفية ومن يحاول اذكاء العصبية القبلية سواء كان ذلك بالكتابة أو بالقول أو بالخطاب، أو الرسائل الالكترونية، فاذا عرف كل انسان انه سيجرم فيما لو حاول القيام باخذ الأمور التي عددتها فلن يقدم على هذا الشيء، والآن عدم وجود قانون يردع هؤلاء سوف يؤدي إلى خلل اجتماعي كبير، وبالتالي سقف المجتمع سيهتز، وأنا حاليا بصدد تقديمه إلى الحكومة لتتبناه ويقدم بمشروع قانون وليس بمقترح قانون ليأخذ طريقه إلى الاقرار.. فهذا من عمل الحكومة وليس الأفراد.. لوضع حد لزارعي الفتنة وثقافة الكراهية بين أفراد المجتمع.


أجرت الحوار: سهام حرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق