الأحد، 3 مايو 2009

يوسف الجاسم: أتمنى على حكماء الأسرة أن يطلقوا الشباب أصحاب الكفاءات



رؤى مستقبلية أثبتت أنه رجل 6/6 في البصر والبصيرة
يوسف الجاسم: أتمنى على حكماء الأسرة أن يطلقوا الشباب أصحاب الكفاءات

يوسف الجاسم عاشق الشاشة الصغيرة، على الرغم من تقلده مناصب عديدة.. ليس من السهل الحوار معه، فهو إعلامي من الطراز الأول وقد اعتاد على إدارة الحوارات مع شخصيات كبيرة، دون أن يكون محايداً فالإعلامي برأيه يجب أن يكون طرفاً لاستدعاء أجوبة يريدها المشاهد. وبرنامج 6/6 خير دليل على ذلك، ولهذا فلقد ترك كل شيء ليتفرغ له. من الصعب أن تنتزع منه ما تريد أو أن تضع الكلام على لسانه، فهو حريص جداً على اختيار مفرداته المتميزة، ولهذا يأسف على المستوى الإعلامي المتدني الحالي.

يسمح لك أحياناً بأن تتذاكى عليه، لكنه في المواقف المبدئية يطلب منك التقيد حرفياً بأجوبته. وهكذا تخلص إلى نتيجة مفادها أن بصره 6/6 وبصيرته أيضاً. يقول يوسف الجاسم ان الكويت تشهد أحداثاً غريبة نوعاً ما، لكنه يصر على تفسيرها لأنها حالة هيجان أو أقرب إلى «البالونة» ولا يدري كيف وأين ستنفجر. في العملية الانتخابية يحلم ومعه 36 شخصية كبيرة بأن تصل إلى مجلس الأمة كفاءات خارج عباءات القبيلة والطائفة والفئة وكذلك في الحكومة. ولعل أفضل توصيف له لما يجري أن الكويتيين صنعوا شركاً لأنفسهم وقعوا فيه وهو شرك رباعي مؤلم مؤلف من المزاج الشعبي المضطرب الذي أنتج مجلساً مضطرباً ودولة مضطربة وهكذا جنينا انكفاءات واحباطات واصطفافات طغى مفهومها على مفهوم الدولة. ويرفض الجاسم أي تنقيح للدستور إلا في اطار المادة (174) منه لأن أي تعطيل له سيدخلنا في نفق مظلم.. مستشهداًَ بما يجري حالياً مع أن الحل دستوري، فكيف إذا كان غير دستوري. ويتمنى الجاسم على حكماء الأسرة أن يبقوا في مرجعياتهم الكبيرة والعالية وأن يطلقوا الكفاءات الشابة والأسرة أدرى بمن فيها، كما يتمنى على سمو الرئيس ألا يعود مع أن هذا الأمر من حق صاحب السمو أمير البلاد، لأن ناصر المحمد تحمل ما لم يتحمله أحد. وقال إن جميع الاستجوابات كان بإمكانه أن يفندها لأنها هشة وغير مؤسسة على أسس قانونية، مشيراً إلى أنه لا يأمل بمجلس أفضل من السابق لأن فترة الشهرين لن تغير من مزاج الناخب. وأكد الجاسم أن من دخل إلى النيابة العامة من باب أمن الدولة سيصل إلى النيابة. مؤكداً أن المرحلة الحالية تتطلب رئيساً مثل جاسم الخرافي. وعن الفضائيات قال ان كل من يملك نصف مليون دينار يستطيع أن يطلق فضائية ثم يقرر ما هو خطها، وكذلك الأمر في الصحافة. لكنه حذر من تكميم الأفواه وكبت الحريات وقال ان على وزارة الاعلام أن تصدر «فهرس» يحدد الأسئلة التي يسألها مقدم البرنامج أو الصحافي. وأعرب الجاسم عن أسفه الشديد لتدني الخطاب السياسي.. الذي أدى إلى أزمات متلاحقة. وفيما يلي تفاصيل الحوار:

● أخ يوسف ماذا يحدث في البلد؟!

■ لا أستطيع ان أفسر ما يحدث في البلاد تفسيرا علميا يخضع لقاعدة علمية، فهو حالة من الهيجان المتتالي، وما نراه اليوم امورا تنتج نفسها بشكل مضطرد، وانا شخصيا اشبهها «ببالونة» منفوخة ولا ندري بأي اتجاه ستنفجر.

● وعلى كل المستويات؟

■ ما يعنيني هنا المشاعر الشعبية المتوترة، لا نستطيع ان تدينها، دائما علينا ان نفسرها، ونتعامل معها تعاملا واعيا، فنحن هنا نتحدث عن شعب وصل عدده الى ما يزيد عن المليون، مع اختلاف همومه ومشاكله واحتياجاته، ورؤيته.

فنحن في دولة قانون ومؤسسات ودستور ولكننا مع الأسف نجد ثقافات فئوية وقبلية، بدأت تطغى على مفاهيم واعتبارات الدولة وهذا هو وجه الخطر الحقيقي الذي يحيق بنا.

● هل ترى ان هناك تداخلا أو بمعنى أدق اختلاطا بين مفهوم الدولة ومفهوم الفئة؟

■ ما نراه يدل على هذا... فالاختلاط أو التداخل بين المكونات القبلية والطائفية والفئوية وبين الدولة، حتى المصالح، اصبحت هناك قبيلة «مصالح»، وهي تجمعات من أبناء القبائل والطوائف والفئات تحتل «كارتلات» للمصالح التجارية والاقتصادية.

● إذن هل ترى الوضع بهذه السوداوية؟

■ يا رجل.. الوطن الآن على مذبح هذه الصراعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حتى اننا نرى تطاولا على الاعراف التقليدية التي أسست المجتمع الكويتي تاريخيا.

وهناك محاولات اقتناص فرص وتصفية حسابات وخوف وهلع ولهذا نرى ان كل مكون ينكفئ الى أحضان فئته ناشدا الحماية، وهذا الوضع مخيف.

● ولكن الدستور ينظم كل هذا؟

■ أنا شخصيا من دعاة أو من حماة الدستور والحفاظ عليه، لكن المشكلة التي نواجهها في آلية تطبيق الدستور سواء في البرلمان، او في الحراك الديموقراطي تهدد الدستور نفسه وهو الذي سمح بها، ولولا الدستور لما كانت.

اذن يمكنني القول اننا وضعنا انفسنا في شرك كبير... فنحن في «رباعية» مؤلمة للغاية اولها المزاج الشعبي المضطرب الذي ولد أداء برلمانيا مضطربا ثم الى وضع للدولة مضطرب وجنينا من هذا الانكفاءات والاصطفافات والفئات، وهذه «الرباعية» سواء كانت من صنعنا بشكل مباشر، أو من صنع الناشطين في مختلف المجالات وقعنا في هذا الشرك او الفخ اذا صح التعبير ولهذا اختلفت المفاهيم الوطنية من المنطلقات الفئوية.

وبالنسبة الى الدستور فأنا من طبقة سياسية واجتماعية وحتى وطنية انتمي الى الدستور.

● ماذا تقصد بالطبقية؟ هل الطبقة التي كانت مقربة من المغفور له الشيخ عبدالله السالم «ابو الدستور»؟

■ مع احترامي لوجهة نظرك... فلقد ذكرت ايضا الناحية الاجتماعية التي لا تحظى بحماية الا بالقانون والدستور، والطبقة التي انتمي لها لا يمكن ان تحصل على حقوقها في الوقت الحاضر، وعلى حقوق ابنائها في المستقبل الا من خلال دولة القانون، وبالتالي فاني اخشى على الدستور من انتمائي، وهذا موقف مشروع، اضافة الى الموقف العام، بعيدا عن الترف الفكري والسياسي وذوي الجاه الذين لا يؤمنون بالديموقرطية الا من خلال سطوتهم وقوتهم وما يمكن ان تضيفه الديموقراطية اليهم في هذه المواصفات.

وبالتالي فانهم يستخدمون الديموقراطية لتكملة الوجاهة السياسية، ثم ان هناك قوى دينية ركبت موجة الديموقراطية دون ان يكون لها قناعة تامة بها.

لكن الطبقة التي لا غنى لها عن الدستور والقانون هي الطبقة المتوسطة وايضا الطبقة الفقيرة التي لن تحصل على حقوقها الا من خلال القانون والدستور.

ومن يعبث بالديموقراطية هو خطر حقيقي على هاتين الطبقتين. لنحدد النقاش حتى لا تذهب بعيداً.. فلدي ثلاثة محاور ولك أن تختار ترتيبها الأول هو هل ترى أن مشروع السلطة بدأ يطغى على مشروع الدولة؟ أما الثاني..

فهو أن هناك من يتخوف من أن يحدث شيء يؤجل العملية الديموقراطية أو الانتخابية على أقل تقدير. والثالث ما ذكرته أنت.. أن الطبقتين الوسطى والفقيرة مستهدفتان.

● هل ترى أن الطبقة الوسطى مستهدفة.. باتجاه اضمحلالها؟

■ الطبقتان الوسطى والفقيرة.

● وماذا عن المحور الأول.. أي مشروع الدولة ومشروع السلطة؟

■ للأسف فإن مشروع الدولة تم تأخيره في اطار الدستور إلا أنه مع الأسف لم يتحقق، بسبب أخطاء في القرارات السياسية المتراكمة منذ عهد الاستقلال حتى اليوم. ومن أبرز هذه الأخطاء سياسة التجنيس العشوائي وسياسة التجنيس الانتقائي والسياسي. وهكذا اختلطت تركيبة المجتمع بفعل فاعل بقصد الوصول الى توازنات سياسية معينة وهذا ما أدى إلى تأخير مشروع الدولة.

● هل تريد أن تشير إلى أحد؟

■ الحكومات المتعاقبة.

● وماذا عن قوى النفوذ؟

■ وأيضاً قوى النفوذ والسلطة حتى داخل الأسرة الحاكمة.

● ما الهدف من ذلك؟

■ البعض يريد أن يحصل على دور معين، إضافة إلى النفوذ في اطار سلطة الحكم، وأيضاً كانت تفكر بدور مستقبلي في مراحل معينة.

أما الهدف الثاني، فهو تحقيق التوازنات حيث كان يعتقد أن الخطر على السلطة والدولة من قبل القوى التقدمية التي كانت تتهم بأنهم يسارية وبالذات القوى القومية، ولذلك تم تقريب التيار الديني بشكل صارخ وأيضاً التيار القبلي.

● وهل هناك ضير في وجود هذه التوازنات؟

■ أنا مؤمن بأن النسيج الاجتماعي الكويتي من هذه الفئات مجتمعة دون طغيان واحدة على أخرى.. وهذا من منطلق انتمائي. لذلك تعطل مشروع الدولة أو تأخر.. والآن السلطة السياسية تجني ثمار تصرفات غير واعية سارت فيها منذ أربعين سنة حتى الآن.. ونرى أنها بدأت تنعكس عليها.

● ما الطريقة المثلى للتعامل مع منتجات تلك السياسات؟

■ هذه أسئلة مطروحة وضرورية، التعامل والاحتواء ومعرفة نتاج ما تم التخطيط له، وهذا هو التحدي الحقيقي.

● هل ترى أن الدولة في ورطة الآن؟

■ إلى حد كبير.. ولكن من الطبيعي أن يكون لدى نظام الحكم من الحصافة ورجاحة العقل بحيث يمكن تجاوز هذه الإشكاليات. ولقد استطاعت في السابق التعامل مع اشكاليات عديدة.

● وماذا عن بعض المشاغبين؟

ليس هناك شك بأن أسرة حكم استطاعت أن تستمر على ما يزيد عن 350 سنة، لا نستطيع أن نصفها إلا بالحصافة.. اضافة إلى الاجماع الكويتي عليها وهذا دليل نجاحها. أما أن تحدث عقبات أو «ورطات» كما أطلق عليها فهذا وارد في حياة الدول والشعوب، ولكن لا أشك بأن مؤسسة الحكم بإمكانها أن تتجاوز مثل هذه الازمة خصوصاً وأن مؤسسة الحكم لديها من الأدوات المؤثرة وبشكل مباشر في الحراك السياسي والاقتصادي. وهي محصنة بالقانون.. اضافة إلى الأهم وهو الولاء المطلق من شعب لا يريد غيرها ولا يفكر في التآمر.. وقد أثبت الغزو ذلك عندما بايع الشعب الكويتي الأسرة الحاكمة مرة ثانية، وبإخلاص ومحبة. إذن يمكن القول ان لدى مؤسسة الحكم تفويضاً شعبياً، ولديها دستور ومؤسسات وأعتقد أنها تستطيع أن ان تعيد لنا مشروع الدولة.

● وماذا عن استشراف الأخطار والتوجس لتعطيل الحياة الديموقراطية، خصوصا ان البعض اجتهد في هذه التحليلات؟ وما يحدث الآن من جدية في تطبيق القانون ما هو الا ارهاصات لهذه المرحلة؟

■ هذا احتمال وارد... ولكن أتمنى الاّ يحدث على أرض الواقع، وما نراه من توجهات في كل أزمة.. ينتصر صاحب السمو الأمير للدستور وهذا يعطينا الاطمئنان بأن تعطيل الحياة الدستورية أمر مستبعد، اما لماذا هو وارد، فقد يأتي وقت ترى فيه الدولة ان هناك اخطارا حتى على الدستور نفسه، وقد يدفع هذه القيادة السياسية الى اتخاذ اجراء من هذا النوع وهذا ما لا تحمد عقباه.

● بصراحة.. هل تعطيل الدستور وارد؟

■ لا أقدر ان أرجم بالغيب... ولكن حالة الاحتقان المتضخمة اذا استمرت فان التخوف مشروع ولكني لست من المتخوفين. الكثيرون يرددون انه لا حل غير دستوري.. مع ان الحل تم مرتين بتعطيل الدستور.

انا لست من المؤيدين لتعليق او تعطيل الدستور... أي الحل غير الدستوري.

● حتى ولو كانت المسألة للتمهل والتأمل.. الا يستحق البلد اجازة؟

■ هذا الكلام... خارج الدستور، ولكن لدي وجهة نظر قد تكون المرة الأولى التي أقولها بشكل واضح، وهي ان الحكومة لم تتقدم حتى الآن بأي نصوص لتنقيح الدستور... واذا كان التعطيل الذي يتحدثون عنه من أجل تنقيح بعض مواد الدستور، فليكن ذلك من خلال النصوص الدستورية، وهناك مادة في الدستور او أكثر من مادة. وهي تجيز التقدم باقتراح لتنقيح الدستور:

تستطيع السلطة التنفيذية، ان تستخدمها وتتقدم بمقترحاتها، ونلاحظ ان عمليات او محاولات تنقيح الدستور هي محاولات مواربة دائما وكلها خارج اطار الدستور.

● هل تتحدث عن تجربة 82؟

■ عنها وعندما حل مجلس الأمة حلا غير دستوري وانتخب المجلس الوطني.

وقد شكلت لجنة لتنقيح الدستور.. ولكنها خرجت بنتيجة وهي عدم تنقيح الدستور.

وفي الفترة الثانية عندما شكل المجلس الوطني سنة 1986 وابتدع الدستور البديل... وايضا كان هذا خارج اطار الدستور.

ودائما تأتي اشارات او تلميحات من خلال مجموعات، بانه يجب تعديل الدستور، ولكن لنأخذ المسألة ببساطة، فطالما الدستور نفسه يعطي السلطة التنفيذية حق التنقيح الى الأفضل... فلماذا لا يتم ذلك من خلال هذا النص الدستوري، ويترك الأمر امام المجلس المنتخب لمناقشة هذه التعديلات، واذا أقرت تم العمل بها؟ ولكن ان تنادي بتعطيل الدستور وفرض نصوص جديدة فان هؤلاء - أي المطالبين - يفكرون في اتجاه واحد، دون ان يفكروا فيما يتولد عن هذا الاتجاه من نتائج سلبية وقد تكون مدمرة لو سمح لها.

ويمكن ان تؤدي الى وضع أكثر سوءا مما نشهده حاليا.. فنحن في حالة غليان سياسي، وكأن الناس ينتظرون هذه الفترة لكي يثور البركان الى الشارع والصحافة والمهرجانات وما يتولد عنها من ظواهر نراها الآن، كسحب المرشحين والاعلاميين الى النيابة.

ولنا ان نتخيل الوضع كيف سيكون في حال الحل غير الدستوري، وكيف سيكون الغليان... ولو عطل المجلس لمدة سنتين الى أي مدى تستطيع الكويت هذا البلد الآمن والعادي.. فإلى أي مدى تتحمل الكويت الاضطراب لمدة سنتين؟

● هل ترى الإجراءات الحالية.. تأديبية أم أن وراءها رسائل معينة؟

■ مادمنا في دولة القانون.. وإذا كانت وفقاً للقانون كما هو نصاً.. نصاً «مو روحا بعد» فلا بأس بها. ولكن التعاطي جاء بشكل مفاجئ لم يعتد الناس عليه لأن مسؤولاً في الدولة تم انتقاده، وليس ذاتاً مصونة، واعتبرت الاساءة من قضايا أمن الدولة، وهذا الأمر مستجد.

ومن تم احتجازه.. نسأل أنفسنا هل وضعه القانوني سليم.. هذا ما نتركه للمحاكم. ولا أستطيع ولا أحد أيضاً أن يحكم بأن الاجراءات المتخذة بحق المتهمين صحيحة أم غير ذلك. ثم هل السلطة التنفيذية تتصرف قانونياً؟ وأيضاً هذا ما سيقوله القضاء.

● في الحالتين.. ما هي الرسالة من هذه الإجراءات؟

■ المفروض أن السلطة تدافع عن قراراتها.. وتفرض الأمن السياسي والاجتماعي.

● هل هو «تحمير عين»؟

■ السلطة تريد أن توصل رسالة بأنها ستطبق القانون. كما طبق القانون في موضوع الفرعيات وحدثت مواجهات استخدمت فيها القنابل المسيلة للدموع.. هذا ما تريد أن تقوله.. وعموماً أعتقد أننا في مرحلة من الصخب والضجيج بحيث لا يستطيع المراقب أن يحكم بشكل دقيق حول قانونية وعدم قانونية الإجراءات، وهذا ما ستبت به المحكمة، لكن السلطة تقول: نحن هنا وسنطبق القانون ولن نسمح بالانفلات.

● بصراحة.. مرة أخرى هل هو «تحمير عين» هل تريد أن تقول هذا؟

■ لست أنا من يقول هذا.. فالحكومة «محمرة العين» بشكل غير مسبوق، ولم نرَ الحكومة تتخذ مثل هذه الإجراءات لأن مرشحاً انتقد مسؤولاً حكومياً ويذهب إلى أمن الدولة!

● ما هو رأيك السياسي.. وليس القانوني بهذه الإجراءات؟

■ من دون شك لغة الخطاب السياسي في الكويت تدنت، وخرجت عن المسار العقلاني، ومع الأسف فإن تأسيس هذه اللغة بدأ من داخل البرلمان في طريقة تخاطب النواب مع بعضهم ومع الوزراء. وطريقة تخاطب القوى السياسية مع بعضها، وكذلك طريقة تخاطب الشباب.. ومحصلة القول ان لغة الخطاب في الحياة السياسية جاءت متسقة مع الجو العام المضطرب في البلد. وهذا أمر مؤسف، ودون شك هناك عبارات ما خرجت عن حدود اللياقة وعن حدود الآداب العامة، وهذا واحد من الأسباب التي أدت إلى التأزيم على قاعدة الفعل ورد الفعل، ولكن التجاوز والتسامح اللذين اعتدناهما من الحكومة في السابق، واللذين غابا هذه المرة، هو الحدث الجديد.

وكأن الحكومة تريد أن تقول: لن أتجاوز عما هو خروج عن المألوف وعن الآداب وسأطبق كل القوانين.

● هل يعني هذا «الهيبة» أم «قرصة أذن»؟

■ لماذا اسمي هذه الاجراءات؟

● انت كسياسي اسأل الحكومة ماذا تسمي اجراءاتها فأنا لست ناطقا رسميا باسم الحكومة حتى اوصف ما تقوم به، ولكن الحكومة هذه الأيام «محمرة العين».. ولكن السؤال هل هذا في الاتجاه الصحيح؟

وهذا ما يعيدنا الى القول ان الامور «مركبة» على بعض.

وعلى سبيل المثال فان هناك من قال انه سيسير المظاهرات من الجهراء الى الديرة في موضوع حقوق المرأة ولم تتخذ أي اجراء، واذا أردت ان تسميه «تحمير عين» فليكن.

● هل أنت خائف من التسمية؟

■ لست كذلك.

● انت معروف بجرأتك ومع هذا ترددت في التسمية. الامور الآن تطال حتى مديري الحوارات، وانت واحد منهم؟

■ لست لاني مدير حوار... هنا يجب ان تكون وقفة للمعنيين بالحريات الصحافية والحريات عموما، كجمعية الصحافيين وحقوق الانسان والجمعيات المهنية المتصلة بالعمل الصحافي، فالحريات الصحافية دخلت في منعطف جديد، فاذا كان المقدم يحاسب على سؤال يطرحه، أو حتى كل صحافي، فنحن باتجاه صحافة مقيدة ومؤطرة ومسيسة.

صحافة أنظمة شمولية؟!

■ أقول للصحافيين والاعلاميين «خلّوا بالكم» فهناك اسئلة من المتوجب عدم توجيهها... وبالتالي قد تصل الى مرحلة تصدر فيها وزارة الاعلام الكويتية «فهرس» للحوارات ام المقابلات الصحافية... (ماذا تسأل وماذا لا تسأل)... وهنا نكون قد دخلنا في منعطف خطير.

وأنا اعتقد ان الكويت طول عمرها تفاخر بالحريات العامة وحرية الصحافة تحديدا.. اما الاعلام الحكومي فليؤطر كما تريده الحكومة، اما الاعلام الخاص فلست مع تقييده.

وايضا لست مع الاعلام المرتجل، وايضا لست مع كثير من الحوارات التي نشاهدها وهي قائمة على الاثارة وعدم بعد النظر، وأنا لا انتمي لهذه المدرسة مع تقديري لزملائي الشباب او القدامى، ومدرستي مختلفة عن مدرسة الاثارة والصخب.

■ هذا ما تعودت عليه، ولكن اذا استمرأت الحكومة هذا فاننا في بداية المسار الى الدولة الشمولية، وهذا ما نرفضه، وانا متأكد ان لا الحكومة ولا النظام يريدان هذا.

أكثر من شمولية

أمنية... يعني نتحول الى دولة بوليسية... وعندما تكمم أفواه الصحافة والاعلام نكون قد تحولنا الى دولة بوليسية.

وعلى سبيل المثال... لا أدري ما هي التهمة الموجهة الى المذيع بداح الهاجري، ولكن يقال ان التهمة الموجهة له انه استدرج الضيف..

عموما لا أعرف ما هي الاتهامات الموجهة الى كل الذين تم اقتيادهم الى أمن الدولة، وأتمنى من الادعاء العام ان يعلن الاتهامات.

● هل نطالب بذلك على لسانك عبر النهار؟

■ نعم... نريد ان نعرف ما هي الاتهامات وهنا لا أتحدث عن القضاء.. بل عن الحكومة.

● العناوين عامة.. مثل المساس بالذات الأميرية أو التحريض على قلب نظام الحكم وهذه أمور خطيرة.

■ لا شيء واضح.

● الوجه الآخر للقضية.. أن الحكومة تخشى من الاختراقات عبر الصحافة كما يحدث في لبنان.

■ يمكن ذلك!

● إذن التخوف مشروع.. لأن هناك مشاريع خارجية وطائفية وأنت تعلم كيف يتم تسويق المشاريع عبر مسميات براقة وحضارية لمؤسسة المجتمع المدني ألا يقودنا هذا إلى المطالبة بإشراف وزارة الإعلام على الأقل من الناحية المهنية.. وكما قلت فإن الحوارات متدنية؟

■ التشكيك.. لا أستنكره.. ومنذ صدور قانون المرئي والمسموع.. فنحن نتحدث عن سنتين من بدء القنوات الخاصة.

وعن سنتين على السماح لصدور الصحف الجديدة. وهذه المرحلة هي مرحلة تخلق.. أو تصنيع للوضع الجديد ولا استغرب هذا.. فنحن نستنكر ولا نوافق على بعضنا. الأمر أصبح أن كل من عنده نصف مليون دينار لا يحتاجه يستطيع أن ينشئ فيه فضائية دون أن يؤثر على ميزانيته، وبعد ذلك يفكر ما هو مضمونها، وهذا يقودنا إلى حالة الاعلام المرتجل..

ومن السهل حجز قمر صناعي وانشاء ستديو وكاميرات.. ثم نبحث عمن يدير الحوار.. هذا هو الأمر ببساطة، لأنه لا توجد منهجية أو خطط مسبقة، وهنا لا أعمم هذا الرأي على الجميع. فهناك قنوات جيدة.

وجاءت من مؤسسات صحافية مهنية، وهذه من دون شك نماذج للأداء السليم.

لكني أتحدث عن كثير من الآخرين.. وكل من لديه إمكانية لإصدار صحيفة بإمكانه ذلك.. وأبسط الوسائل هي الإثارة والشتائم والصدام.. فنحن لسنا أميركا أو بريطانيا أو الهند..

التي تملك مساحات من الحريات ولديها مستودعات للقضايا المطروحة، فنحن دولة صغيرة جداً، ولا يوجد لدينا مواضيع لذلك يصبح هناك اسفاف في الطرح لعدم وجود قضايا رئيسة. والخطورة في هذا الأمر هو أننا نساهم بابتكار جديد وهو حرية البذاءات وحرية الشتائم، وحرية النيل من كرامة ونزاهة الآخرين، وحرية تشويه الآخرين.

وأصبح كل كاتب يعطي نفسه الحق في منح الوطنية لمن يريد ونزعها عمن يريد وهكذا ينصب نفسه أنه نزيه ووطني وكل من عداه خائن ومتآمر ومنتفع وهذا الأسلوب المتبع يرسخ هذه الثقافة الجديدة وعلينا أن نسجل لها براءة اختراع وهذه هي الطامة الكبرى خصوصاً وأن هناك من يطالب بالمزيد.

● في سياق أجوبتك على المحورين أجبت عن قضية استهداف الطبقة الوسطى.

■ أنا لا أقول أن الطبقة الوسطى أو الطبقة الفقيرة مستهدفة.. بل قلت ان اصحاب الحاجة الأساسية للقانون والدستور هما الطبقتان الوسطى والفقيرة.

لأن أبناء الطبقة الغنية، ومن يتخندقون قبلياً وطائفياً لا يهمهم غياب القانون أو الدستور، وكل واحد منهم لديه وعاء يعتبره الوعاء الأكبر.. أما نحن فلدينا وعاؤنا وهو الدولة.

● تزامنت الأزمة السياسية مع الأزمة الاقتصادية فهل لذلك قلت ان الطبقة الوسطى مستهدفة؟

■ كل ما نريد أن نقوله أيها النواب.. أيها الوزراء أيها السياسيون.. ان أي تهديد منكم للديموقراطية هو تهديد لعامة الناس ومستقبلهم ولكيان الدولة.

استدراك

ذكرت أن المادة التي تنص على التعديل.. بدلاً من التعطيل خارج اطار الدستور هي المادة (174) وتنص: «للأمير ولثلث أعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل أو حذف حكم من أحكامه أو بإضافة أحكام جديدة إليه.

فإذا وافق الأمير وأغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة على مبدأ التنقيح وموضوعه، ناقش المجلس المشروع المقترح مادة مادة. ويشترط لإقراره موافقة ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، ولا يكون التنقيح نافذاً بعد ذلك إلا بعد تصديق الأمير عليه وإصداره،.

وذلك بالاستثناء من حكم المادتين 65 و66 من هذا الدستور. وإذا رفض اقتراح التنقيح من حيث المبدأ أو من حيث موضوع التنقيح فلا يجوز عرضه من جديد قبل مضي سنة على الرفض، ولا يجوز اقتراح تعديل هذا الدستور قبل مضي خمس سنوات على العمل به».

ويتابع: هذا النص يعتبر مرجعية لمن يريد التنقيح.. إذن لماذا نعطل الدستور وندخل البلد في غياهب مرحلة الله وحده يعلم مداها في طرح السلطة السياسية ما تريد من تنقيح من خلال المؤسسة البرلمانية.

● فلنحترم ذكاء القارئ.. كأننا نرى أن بعض الذين ينتقدون ويهاجمون بشراسة يبادرون بذلك من أنفسهم.. ألا ترى أن هناك من يحركهم؟

■ لا أستطيع أن أوجه هذ الاتهام ولكن المؤسف مما يجري هو انتصار للقبيلة وما نراه هو تخندق قبلي - طائفي.

ولا أوجه أي تهمة من دون دليل، وأعتقد أن ما يدور خارج القوى المتنفذة.

● هل أنت مع النقلات في التراتبيات؟

■ أقول الرأي الذي سبق لي أن قلته فالشيخ عبدالله السالم - رحمه الله - قبل الاستقلال وبعده كان محاطاً بكوكبة من شباب الأسرة..

ونحن اصطفينا منها حكاماً هم الأمراء المغفور لهم الشيخ صباح السالم والشيخ جابر الأحمد والشيخ سعدالعبدالله.

والآن نحن في ظل سمو أمير البلاد أطال الله بعمره الشيخ صباح الأحمد.. ومنهم الشيخ جابر العلي والشيخ فهد السالم - رحمهما الله - ومنذ ذلك التاريخ كونوا مرجعية للأسرة وتولوا المسؤوليات العامة..

وكان الكبار يشكلون مرجعيات مثل الشيخ مبارك عبدالله الأحمد. وأعتقد أنه آن الأوان لاطلاق شخصيات ذات كفاءة من أبناء الأسرة. وحتى لا ندخل في المحظور الدستوري فإن هذه الأمور بيد صاحب السمو الأمير - حفظه الله -.ولكن أعتقد أن هناك الكثير من شباب الأسرة ممن يقف أمامهم عرف السن.

● وماذا عن مسألة الفرع؟

■ من تنطبق عليهم مواصفات الحاكم من خارج عرف السن والفرع يقولون: «دعونا في المرجعية واطلقوا الشباب».

● هل يستدعي الامر وجود مجلس استشاري للأسرة؟

■ لدى الأسرة مجلس استشاري، والأسرة نقدرها وهي حصيفة وقد حكمت 400 سنة، وهي قادرة على أن توجد الآليات من داخلها.

ورؤيتي كمراقب.. أن من ينطبق عليهم عرف العمر أن يبادروا إلى إطلاق الشباب ليأخذوا دورهم ولن يقفوا حائلاً أمامهم بسبب السن. إذن المبادرة يجب أن تأتي من الكبار.

● هل أنت مع الأحزاب؟

■ معها.

● الحكومة الشعبية؟

■ الآن... لا... وهذا سيدخلنا في فوضى وصراعات.

● تعديل الدستور؟

■ لا... الا من خلال الدستور.

● عودة الرئيس؟

■ الأمر متروك لسمو الأمير.

● ماذا تريد ان - تقول لسموه - أي الرئيس؟

■ سمو الشيخ ناصر الله يرده بالسلامة تولى 5 حكومات متتالية ووضعت أمامه الكثير من العقبات وواجه الكثير وتحمل ما لا يحتمله احد.

فسمو الشيخ ناصر الله يعطيه طول العمر أوسع صدرا منذ التحرير حتى الآن.

وخلال 3 سنوات كل هذه الرياح العاتية ومن كل الاتجاهات، ورأفة فيه أتمنى ان لا يعاني أكثر.

● هل توافق على عودة النوعية نفسها من النواب؟

■ لا... تركيبة المجلس السابق أدت الى التعثر... ولا أتمنى اي تركيبة في المجلس او الحكومة مبنية على القبلية والطائفية والمحاصصات.

وأتمنى ان الناخب - وهذا حلم لن يتحققق - فنحن في مثلث من الناخب والمجلس والحكومة اتمنى ان أحلم ان الناخب ينتخب ليس على أساس القبيلة او الطائفة او الفئة، وان تتشكل الحكومة والمجلس على أساس الكفاءة.

● لو أصبحت نائبا من ستنتخب رئيسا؟

■ جاسم الخرافي هو رجل المرحلة.

● هل شعر انه مازال امامه دور يجب ان يؤديه فأعاد ترشيح نفسه؟

■ الخرافي... رجل حكيم وذو حنكة، وشعبيته تدلل عليه. ولا أرى بديلا له، وما نشهده من غليان بين المجلس والحكومة يتطلب رئيسا مثل جاسم الخرافي.

● وماذا عن التأزيم؟

■ فترة الشهرين... لن تكون قادرة على احداث تغيير في المزاج الشعبي الذي سيأتي بالمجلس الجديد.

واذا لم يكن المجلس السابق نفسه فسيكون أكثر حدة منه، واعتقد ان اثنين من المعتقلين سيعودان.

● على ذكر الاعتقال... هل من ذهب الى النيابة العامة سيصل الى النيابة؟

■ اعتقد ان من دخل الى أمن الدولة والنيابة سيصل الى مجلس الأمة.

● هل تعتقد ان هذا متعمد؟

■ لا أتصور ذلك... وهذه المشكلة «البيضة او الدجاجة»... وهناك دائما تشكيل... فالعناصر تهاجم الحكومة.

● هل هناك مشروع سياسي من البيان الذي أصدرتموه، أي مجموعة الـ 36؟

■ الآن اسم التجمع «متطوعون من أجل الكويت» وكان العدد أكثر من ذلك. وهذه مجموعة حالمة بان يصل الأكفأ الى المجلس، ونحن نؤمن بالدستور.. ومفاهيمه كلها وان تصل عناصر تؤمن بالمجتمع المدني.

● البعض يقول انها مستوردة؟

■ لا... بعض هذه المؤسسات تعمل لاقامة الدولة المدنية وليس الدولة الدينية. ونحن مع الدستور ونواب الكفاءة، وهذه المسألة ملتبسة...

حيث يبدو ان هناك من يعتقد انه عندما يصل الى النيابة يمارس دورا تنفيذيا، وهناك نواب يعتقدون ان الاستجوابات هي المادة الوحيدة للرقابة.

● وماذا عن التداخل؟

■ مازال... وهناك تكريس لتداخل السلطات يقوم به النواب ويساعدهم بعض الوزراء، والمجلس السابق كرس مفهوم تداخل السلطات، والحكومة تنازلت عن مشاريع تنموية كبيرة، من واقع الخوف من الاستجوابات.

● هل كنت ترى ان الرئيس كان يجب ان يصعد المنصة؟

■ يعود تقدير هذا لسمو الرئيس ولكن كان بامكان سمو الرئيس ان يفند كل هذه الاستجوابات غير المؤسسة على حقائق، وكان باستطاعته ان يسقطها.

وبهذا يحصل على حصانة ومضاعفة لوضعه أما اذا كان لا يريد... أو ان الأسرة لا تريد فهذا أمر آخر.

لا لمجلس الشورى

نفى يوسف الجاسم أن تكون مجموعة الـ 36 طالبت بمجلس الشورى وقال ان هذا ليس من أدبياتنا ولم يصدر في أي بيان لنا، وقال ان التجمع أصبح اسمه «متطوعون من أجل الكويت».

داخل الدستور

رفض الحل غير الدستوري، وقال انه مادام الدستور ينص على التنقيح فليكن من داخله وبموجب المادة (174).

شرك رباعي

قال إن الكويتيين أوقعوا أنفسهم في شرك رباعي... مؤلف من مزاج شعبي مضطرب أدى إلى أداء نيابي مضطرب وإلى حكومة مضطربة، وصولا إلى دولة مضطربة.

من النيابة إلى النيابة

قال إنه متأكد من وصول المرشحين الذين أحيلوا الى النيابة من أمن الدولة.

حالم

قال ان المجموعة تحلم وتريد ان تعول على ناخب ينتخب الكفاءات خارج عباءات القبائل والطوائف والفئات.

تحمير العين

عندما سألته.. هل تريد الحكومة تحمير العين على المرشحين؟ أجاب انها تطبق القانون ولكنه تمنى على الادعاء العام تسمية الاتهامات.

الخرافي رجل المرحلة

أكد الجاسم أن جاسم الخرافي هو رجل المرحلة بحكم التأزيم القائم بين المجلس والحكومة.

الوطنية

قال إن كل كاتب يعتقد أن من حقه منح الوطنية لمن يشاء وحجبها عمن يشاء.

تداخل السلطات

نوه الى أن المجلس السابق رسخ مفهوم تداخل السلطات وتعسف في استخدام الرقابة واختزلها بالاستجوابات.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق